دبي - فراج اسماعيل
تتوقف قناة "العربية" اليوم أمام مشاهد من بئر ابن عفان في المدينة المنورة التي باعها للرسول -صلى الله عليه وسلم- بعين في الجنة بعد أن اشتراها من صاحبها بـ35 ألف درهم.
البئر ماؤها عذب، وكان الرسول -صلى الله عليه وسلم- يشرب منها، ولما عرض على صاحبها الذي كان يبيع ماءها للناس أن يبيعها بعين في الجنة، احتج بأنها السبيل الوحيد الذي يتعيش منه مع أولاده، فعرض عثمان شراءها وتركها مجانا للمسلمين مقابل عين في الجنة، فوافقه الرسول.
مشاهد وقصة البئر يطالعها المشاهدون في الحلقة "15" من السيرة النبوية الإثنين 15-9-2008 الساعة الخامسة والنصف بتوقيت مكة المكرمة، الثانية والنصف بتوقيت جرينتش، وتعاد صباح الثلاثاء الساعة 4.30 و8.25 بتوقيت مكة، 1.30 و5.25 بتوقيت جرينتش.
أمام بئر عثمان
يقول حسن شاهين الباحث الإسلامي وأحد أعضاء فريق سلسلة "السيرة النبوية": إن بئر عثمان تقع بمنطقة في المدينة المنورة، فيها مزارع وبساتين، وفيها بئر تسمى بئر عثمان بن عفان -رضي الله عنه-، وكانت تسمى في أيام السيرة النبوية "بئر رومة".
وأضاف: صاحب هذه البئر كان يبيع الماء للمسلمين بدراهم، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يشرب من مائها العذب، فقال لصاحبها: أتبيع هذه البئر بعين في الجنة، فقال: يا رسول الله ليس لي غيرها أنا وأولادي.
ويوضح شاهين أن النبي -صلى الله عليه وسلم- تمنى أن يشتريها أحد من المسلمين، حتى يصبح ماؤها مجانا، وحينما سمع عثمان بن عفان، قال: أشتريها يا رسول الله ولي مثل هذه البئر في الجنة عين، فقال: نعم.
اشترى عثمان نصفها وكان النصف الآخر لصاحب البئر، وحينما رأى صاحب البئر أن الناس يشربون في يوم عثمان الذي كان مجانا، وفي يومه لا يشتري أحد الماء، باعها لعثمان كاملة بـ35 ألف درهم، فاشتراها عثمان وجعلها صدقة للمسلمين.
وتتناول حلقة الإثنين من السيرة النبوية تركيز الرسول على البناء الاقتصادي للدولة الجديدة التي أسسها في المدينة وجعل لها حدودا، وكشفت التنظيماتُ السياسيةُ والاقتصادية والاجتماعية التي أمر بها، أو تمتْ تحت رعايتِه في المدينة عن شخصيةٍ قيادية فذة.
أدوار الرسول المتعددة
ويشير د. محمد عمارة إلى استصلاح الأراضي لزراعتها، حيث وعد الرسول من يقوم بإحياء أرض ميتة فهي له، فيما يوضح د. عوض القرني أن النبي كانت له أدوار متعددة، والعلماء الراسخون يفقهون ما صدر منه من خلال كل دور، فكان في مقام النبي المبلغ عن الله، وكان في مقام آخر دور الإمام الحاكم ولي الأمر، الذي ينفذ القوانين ويحفظ الحقوق، وكان في دور آخر له حكم القاضي، وفي دور آخر له حكم المفتي.
ومن المهام العاجلة التي أمر بها الرسولُ -صلى الله عليه وسلم- إنشاءُ سوق للمسلمين في المدينة، يُنهي احتكارَ اليهود للتجارة فيها. ويقول الشيخ الحبيب الجفري: اتخذ الأنصار ومن معهم من المهاجرين سوقا خاصة بهم، ولما كانوا أغلبية تحولت قوة الشراء إلى ذلك السوق الذي أسسوه، فضعفت قوة الأقلية وهم اليهود التي كانت تسيطر على التجارة في المدينة وتستغل الناس، فاضطر أولئك إلى أن يرجعوا إلى سوق المسلمين.
وأضاف: لم يمنع اليهودي من التعامل مع هذا السوق ولم يمنع التعامل مع السوق اليهودي، لكنه أعطى للمسلمين استقلالا في تعاملهم أورثهم ندية في التعامل مع غيرهم، وبالتالي أعطاهم الفرصة بأن ينشروا مبادئ الإسلام في البيع والشراء التي تقوم على حفظ حقوق الناس التي تمنع المستبد المتسلط من أن يستغل الفقراء والضعفاء.
ورغم اهتمامِه -صلى الله عليه وسلم- بتنظيم شؤون الحياة من جميع جوانبها، وضبط العلاقات بين البشر، بقواعدَ مُلزمة؛ إلا أنه عليه الصلاة والسلام، كان حريصا على مواصلة ما بدأه في مكة من تثبيت العقيدة في نفوس المؤمنين، وتنظيم شؤون العبادات. فالتشريعات الدينية والدنيوية، بجميع جوانبها، بدأت تستقرُ في المدينة، بالتوازي مع المَهمة الكبرى، وهي بناءُ الإنسان، وبناءُ العقيدة.